كلمة
معالي نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي
الدكتور/ عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي
الملتقى السنوي الثالث للالتزام ومكافحة غسل الأموال
المعهد المصرفي – الرياض
22-23 مارس 2011م
بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
وأسعد الله صباحكم جميعاً بكل خير وبعد:
يطيب لي في البداية الترحيب بكم جميعاً، وأشكر كل من بذل جهداً في الإعداد والتحضير لهذا الملتقى، واخص بالذكر هنا الزملاء في المعهد المصرفي والقائمين على شركة ثومسون رويتررز (Thomson Reuters). والشكر موصول للمشاركين في مناقشة محاور الملتقى والحاضرين له. ولعل استمرار إقامة الملتقى من عام لآخر دليل على أهمية الموضوع والحاجة إلى استمرار مناقشة قضاياه وهمومه وتدارس مستجداته.
أيها الحضور الكرام:
لا يملك الدارس لتطور التاريخ الاقتصادي ولاسيما خلال القرن والعقد الماضيين إلا أن يدرك أن مقولة التاريخ يعيد نفسه قد تكون صحيحة، فهناك تكرار لازمات اقتصادية ومالية قد تختلف في حدتها وتكرار حدوثها باختلاف الظرف والزمن، ولكنها جميعها تتفق في عامل مشترك بينها وهو إما عدم توافر الأنظمة والتعليمات المنظمة للأنشطة الاقتصادية والمالية أو ضعفها أو عدم الجدية في فرضها، والتأكد من الالتزام بها. ومن هنا تأتي أهمية هذا الملتقى بالتركيز على جانبين مهمين هما مكافحة غسل الأموال، ووظيفة الالتزام ودورها في التأكد من تطبيق ما يصدر من قواعد وتعليمات لمكافحة غسل الأموال.
الحضور الكرام:
تعد التوصيات الأربعين الخاصة بمكافحة غسل الأموال وكذلك التوصيات التسع الخاصة بمكافحة تمويل الإرهاب الصادرة عن فريق العمل المالي الدولي لمكافحة غسل الأموال (FATF) من أهم المعايير الدولية التي لابد من الالتزام بها من المؤسسات المالية وغير المالية. وتخضع دول العالم إلى تقييم مدى التزامها بالتوصيات إما من خلال مجموعة العمل نفسها (FATF) أو من خلال فرق عمل إقليمية تعمل على نمط فريق العمل المالي الدولي وتلتزم بما يصدر منه. ويتولى فريق العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينافاتف) تقييم دول المنطقة الأعضاء للتأكد من التزامها بالتوصيات. وحيث أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تشارك في اجتماعات فريق العمل المالي الدولي (فاتف) من خلال عضوية الأمانة العامة للمجلس فيه، إضافة إلى عضويتها دولاً مُؤسِسة في فريق العمل الإقليمي (مينافاتف) فإن تقييمها المشترك يكون بمشاركة خبراء من الدول الأعضاء في الفاتف والمينافاتف.
ومن أهم المستجدات في هذا الشأن ما انتهى إليه التقييم المشترك للمملكة في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الذي أجراه فريق مشترك من خبراء الدول الأعضاء من مجموعة العمل المالي الدولية (فاتف) ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (المينافاتف) ونُشرت نتائج ذلك التقييم على موقع المجموعتين منتصف العام الماضي. وبفضل من الله ونعمته ثم بفضل جهود المخلصين من أبناء هذا البلد المعطاء، أتت نتائج التقييم للمملكة لتضعها في مقدمة دول المنطقة وفي درجة متقدمة ضمن مجموعة دول العشرين. ومن المناسب هنا التأكيد على أن ذلك لم يكن ليتحقق دون جهد ومثابرة من الجميع في القيام بالواجب، وأخص هنا المعنيين بالالتزام في المؤسسات المالية على وجه التحديد.
الحضور الكرام:
وللأهمية القصوى التي توليها مؤسسة النقد بالالتزام، أصدرت قواعد وتعليمات متعددة ذات ارتباط مباشر وغير مباشر بالموضوع ومنها قواعد مكافحة غسل الأموال، وقواعد فتح وتشغيل الحسابات البنكية، ودليل مكافحة الاحتيال المالي، وضوابط التعيين في الوظائف القيادية، وضوابط الاسناد، والدليل الاسترشادي للجان المراجعة، أعقبها صدور دليل شامل ومتكامل للالتزام. وتمتد مسئولية الالتزام لتشمل التحقق من تنفيذ الأنظمة والتعليمات الصادرة من الجهات الإشرافية جميعها بما فيها المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ومن المسئوليات الأساسية والمهمة لإدارات الالتزام مسؤوليتها في إعداد تقارير دورية للإدارة العليا تقيم من خلالها الالتزام من عدمه بتلك التعليمات والأنظمة. وتطلب المؤسسة من البنوك إعداد تقرير دوري تعده إدارة الالتزام ويقدم إلى الإدارة العليا في البنك ومؤسسة النقد ويتم في ضوءه تقييم أعمال الالتزام في البنك.
وللأهمية المماثلة التي توليها مؤسسة النقد بشأن التأكد من تطبيق ما صدر من قواعد وتعليمات، تقوم المؤسسة بإجراء زيارات إشرافية وعمليات تفتيش ميدانية دورية للتأكد من جوانب العمل المصرفي كافة بما فيها التقيد بالتعليمات الصادرة بالالتزام ومكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ويُعد التحقق من التقيد بالتعليمات الصادرة بشان الالتزام ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب جزءً أساسياً من برنامج الفحص الشامل الذي تقوم به المؤسسة.
الحضور الكرام:
ومن المناسب هنا وفي هذا التجمع الهام أن أشير إلى أهمية العمل المشترك والتكامل بين الالتزام ومكافحة غسل الأموال وخاصة فيما يتعلق بوضع الآليات والأطر التي تكفل مواجهة الجرائم المالية عموماً وجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب على وجه الخصوص. وأشير في الوقت نفسه إلى عدم الخلط بين المفهومين، فلكل منهما مسئولياته الخاصة. إذ أن الالتزام أشمل وأعم وتمتد مسئولياته إلى التأكد من الالتزام بالأنظمة والتعليمات الصادرة من الجهات التنظيمية الداخلية والخارجية والتحقق من تنفيذها بشكلٍ كاملٍ ومتقن، إضافة إلى إعداد التقارير الدورية عن مخاطر عدم الالتزام.
الحضور الكرام:
في ختام هذه الكلمة أود أن أؤكد على ضرورة مضاعفة الجهد المبذول في مجال الالتزام ومكافحة غسل الأموال، ولا سيما توفير الإمكانات والكفاءات البشرية المؤهلة ومساندة التقنيات والنظم الآلية اللازمة، والبذل السخي في مجال التدريب والتوعية والعمل على تنوع مصادره. وكذلك العمل يداً بيدٍ مع المعهد المصرفي في إعداد البرامج والحقائب التدريبية اللازمة وترشيح منسوبيكم للمشاركة فيها، والنظر إلى ذلك على أنه انفاق استثماري من شأنه أن يعود بالفائدة ويحافظ على السمعة الطيبة التي عملنا جميعاً من أجلها ويحمي الجميع من المخاطر ويحقق المصلحة العامة.
أشكركم على حسن إصغائكم وأتمنى لكم جميعاً ولندوتكم بما تضمنته من مواضيع متنوعة وقيمة التوفيق والنجاح.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.