كلمة معالي محافظ البنك المركزي السعودي في مؤتمر آخر المستجدات في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح
محتوى الصفحة
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أصحاب المعالي والسعادة، الحضور الكريم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يسعدني -بدايةً- أن أرحب بكم في بلدكم الثاني المملكة العربية السعودية، كما يسرني أن يتزامن مؤتمر "آخر المستجدات في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح" الذي ينعقد على هامش الاجتماع العام التاسع والثلاثين لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (المينافاتف) واجتماعات فرق العمل المصاحبة له، مع مناسبة مرور عشرين عامًا على إنشاء المجموعة.
ونحن إذ نحتفل اليوم بهذه المناسبة الهامة، لا يفوتني أن أتقدم بالتهنئة لكافة أعضاء المجموعة ورئاستها والعاملين فيها، وأن أشيد بالجهود المبذولة والتطورات الملموسة خلال الأعوام الماضية، ودور المجموعة الفعّال في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح.
الإخوة والأخوات الكرام،
إننا نسعى خلال هذا المؤتمر، الذي تنظمه مجموعة المينافاتف بالتعاون مع البنك المركزي السعودي "ساما"، إلى تسليط الضوء على آخر المستجدات التي طرأت على المعايير الدولية وآليات تطبيقها؛ لرفع مستوى الوعي والالتزام، والمساهمة في تعزيز المعرفة لدى المختصين في هذا المجال، خاصةً مع تزايد التحديات التي تواجه المجتمع الدولي والحكومات، في ظل التطور المتسارع لجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح، وتعدد أساليبها، مما يجعل مواجهتها أكثر تعقيدًا.
كما لا يخفى على الجميع ما يترتب على هذه الجرائم من آثار سلبية متعددة، تشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والأمنية للدول، ولا تقتصر أضرار هذه الجرائم على الدولة التي تقع فيها، بل تمتد لتطال دولًا أخرى.
ولمواجهة هذه التحديات، تسعى الدول لتعزيز أُطرها التشريعية والتنظيمية لتتواكب وتتلاءم مع المستجدات والمتغيرات، وتحرص كذلك على تطبيق المعايير والمتطلبات الدولية الصادرة في هذا الشأن، مستفيدة بذلك من المعايير والمتطلبات الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح التي تصدرها مجموعة العمل المالي (فاتف)، والأدلة الإرشادية المتضمنة أفضل الممارسات الدولية في هذا المجال.
وعلى الرغم من هذه الجهود، لا تزال تجد هذه الجرائم ملاذًا آمنًا في الدول التي تعاني من وجود ضعف في التشريعات والرقابة، مع ارتفاع في معدلات الجريمة والفساد.
الحضور الأعزاء،
يمثل هذا المؤتمر فرصة لتبادل الخبرات والتعرف على أفضل الممارسات والأساليب المتبعة لمكافحة هذه الجرائم، ومن ذلك على سبيل المثال: الدروس المستفادة من عمليات التقييم المتبادل، وتجارب الدول في تنظيم تعاملات الأصول الافتراضية، وآليات تعزيز التعاون الدولي في استرداد الأصول، وغيرها من الموضوعات التي ستكون لها انعكاسات إيجابية كبيرة على جهود الدول في هذا المجال.
كما يأتي هذا المؤتمر ليؤكد حرص المملكة العربية السعودية على توحيد وتعزيز الجهود الإقليمية المشتركة في مجال المكافحة، وتذليل العقبات والصعوبات التي تواجهها الدول في تطبيق المعايير والمتطلبات الدولية. وفي هذا الصدد، أُشيد بالجهود التي تقوم بها الجهات المعنية في المملكة من خلال اللجان الدائمة المتخصصة؛ لتعزيز فاعلية المكافحة ورفع مستوى التزام المملكة بالمتطلبات الدولية.
حيث عملت اللجان في المملكة على تقييم مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب المرتبطة بالأصول الافتراضية وبأنشطة مقدمي خدمات الأصول الافتراضية، وتحديد التدابير المناسبة للحد من المخاطر المرتبطة بها، بما يتوافق مع المعايير الدولية بهذا الصدد، ووفق أفضل الممارسات الدولية؛ لضمان التوازن بين تطوير القطاعات وتخفيف المخاطر المرتبطة بها. كما قامت اللجنة الدائمة لمكافحة غسل الأموال والبنك المركزي السعودي بمتابعة ومناقشة التطورات والمستجدات، والتهديدات الناشئة، وتحديثات المعايير الدولية، لتعزيز وتحسين منظومة المكافحة.
الحضور الكرام،
تُعد المملكة العربية السعودية من الدول الداعمة لأهداف مجموعة العمل المالي (فاتف) تحت الرئاسة المكسيكية، والتي تهدف إلى تعزيز الجهود لمكافحة التدفقات المالية التي تغذي جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزز من نزاهة واستقرار الاقتصاد الدولي ونموه المستدام.
كما تشارك المملكة بفاعلية في المناقشات التي تجري حاليًا في مجموعة العمل المالي (فاتف) لضمان أن تكون التحويلات عبر الحدود أكثر كفاءة، وشفافية، وشمولية دون الإخلال بمتطلبات وتدابير العناية الواجبة، وبما ينعكس إيجابًا على تحسين جودة البيانات في رسائل الدفع وتعزيز الشفافية والامتثال لتدابير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وفي هذا السياق، نؤكد دعم المملكة لمبادرات الشمول المالي من خلال تنفيذ مشاريع برنامج تطوير القطاع المالي أحد برامج رؤية السعودية 2030 التي ركّزت على استخدام التقنية المالية في ابتكار المنتجات والخدمات، بما يعزز الشمول المالي والتمكين الاقتصادي لجميع شرائح المجتمع دون إغفال لتطبيق التدابير الوقائية اللازمة؛ لتخفيف مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب مما يضمن التوازن بين نزاهة وتطوير القطاع المصرفي. وكذلك تدعم المملكة المبادرات النوعية المرتبطة بتعزيز فهم مخاطر تمويل الإرهاب وانتشار التسلح، حيث اتخذت اللجان الوطنية في المملكة خطوات ملموسة تساهم في تعزيز مكافحة تلك الجرائم.
الحضور الأعزاء،
حرصت المملكة على أن تكون من أوائل الدول الداعمة لإنشاء مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (المينافاتف)، التي تسعى لاستيفاء دولها للمتطلبات الدولية، وتقوية أطرها التشريعية للالتزام بالتوصيات الأربعين الصادرة عن مجموعة الفاتف، وتعزيز فاعلية نظم المكافحة؛ تماشيًا مع متطلبات النتائج المباشرة الإحدى عشرة، التي تعتبر من المحددات الرئيسية لتكوين إطار عمل شامل من السياسات والتدابير والإجراءات الواجب على الدول تطبيقها لمكافحة هذه الجرائم المالية، وتعقب المتحصلات غير الشرعية التي من شأنها التأثير على نزاهة النظام المالي الدولي.
ونحن نشهد اليوم وبعد مرور عشرين عامًا على إنشاء المجموعة، قُرب انتهاء الجولة الثانية من عمليات التقييم المتبادل للدول الأعضاء، التي تهدف لقياس مدى التزام الدول بالمعايير الدولية ومساعدتهم على معالجة جوانب القصور خلال فترة زمنية معقولة وإبراز جهود الدول الأعضاء وتعزيزها. وقد ساهمت المجموعة خلال الفترة الماضية في رفع الوعي وفهم المتطلبات الدولية بشكل أعمق على مستوى المنطقة، الأمر الذي ساعد الأجهزة المعنية في الدول على تعزيز مستوى الالتزام بتلك المتطلبات، أخذًا في الاعتبار القيم الثقافية والأطر الدستورية والنظم القانونية لكل دولة.
وفي هذا الشأن، نؤكد على استمرار دعم المملكة لمجموعة المينافاتف خلال الفترة القادمة لتحقق بذلك الأهداف المرجوّة من إنشائها.
ختامًا،
أتقدم بالشكر لكل من ساهم في إعداد وتنظيم هذا المؤتمر، الذي سيمكّن المختصين والعاملين في هذا المجال من الاطلاع بشكل واسع على أفضل التجارب والممارسات الدولية، ويعزز بناء القدرات الفنية والمعرفية، وسينعكس إيجابًا على جهودنا جميعًا في حماية النظام المالي العالمي ووقايته من الجرائم المالية.
كما أتوجه كذلك بالشكر والتقدير لجميع المشاركين والحاضرين، وأكرر ترحيبي بكم مرة أخرى في بلدكم الثاني المملكة العربية السعودية.
متمنيًا لكم دوام التوفيق والنجاح.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
المحافظ
كلمات المؤسسة الأساسية