كلمة معالي محافظ البنك المركزي السعودي في المؤتمر السنوي لاتحاد المصارف العربية بمدينة الرياض 2023
محتوى الصفحة
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أصحاب المعالي والسعادة، الضيوف الكرام،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يُسعدني أن أرحب بكم في بلدكم الثاني، المملكة العربية السعودية.
في البداية أود أن أبدي عن شكري وامتناني لمجلس إدارة اتحاد المصارف العربية، والأمين العام، وأعضاء الأمانة، على جهودهم المبذولة في تنظيم هذا المؤتمر. وفي هذا المقام، يسعدني كذلك المباركة للمسؤولين في الاتحاد على إنشاء مكتب إقليمي في المملكة، والذي يتزامن بدء أعماله مع انعقاد هذا المؤتمر، وأنا على ثقة أنه سيكون بعون الله داعمًا في تقديم خدماته وأعماله.
أصحاب المعالي والسعادة، الحضور الكريم،
لا زالت التطورات الاقتصادية والتداعيات الجيوسياسة العالمية وحالة عدم اليقين تلقي بضلالها على تطورات السياسة النقدية، حيث قامت الكثير من البنوك المركزية باتخاذ سياسات نقدية متشددة؛ بهدف كبح الارتفاعات المستمرة في الأسعار، وقد أدت تلك السياسات المتشددة إلى قيام صندوق النقد الدولي بخفض توقعاته للنمو العالمي لهذا العام إلى 3 في المئة، جاء ذلك مصحوبًا بالتذبذبات العالية في الأسواق العالمية، والتحديات المتزايدة التي تواجهها الاقتصادات الناشئة.
كما تحتم علينا التحديات الاقتصادية العالمية ضرورة متابعة وتحليل هذه التطورات من أجل ضمان القدرة في التعامل مع آثارها، وفي الوقت نفسه الاستمرار في تطوير أنظمتنا المالية والمصرفية بما في ذلك التقنيات المالية.
الحضور الكريم،
وضعت المملكة نصب أعيُنها مستهدفات رؤية 2030 والتي من أولوياتها تحقيق التنوع الاقتصادي، وقد حققت المملكة قفزات مشهودة في عدة مجالات، من ضمنها برامج الإسكان، تخفيض معدل البطالة، زيادة نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، توطين التقنيات، وغيرها من البرامج الطموحة.
واستمر الاقتصاد السعودي في النمو على الرغم من التحديات الاقتصادية العالمية، وأظهر الاقتصاد السعودي أداءً مميزًا في الناتج المحلي الإجمالي، وكذلك في معدلات التوظيف، حيث نما الاقتصاد بمعدل 8.7 في المئة خلال العام الماضي، متجاوزًا بذلك متوسط نمو الاقتصاد العالمي الذي بلغ 3.5 في المئة. ويتوقع أن يستمر القطاع الخاص في دعم النمو الاقتصادي للمملكة. تجدر الإشارة إلى أن الأنشطة غير النفطية استمرت في النمو بمعدل 5.4 و5.5 للربعين الأول والثاني من هذا العام.
وبالحديث عن الاقتصاد وأدائه في المملكة فقد كان النظام المالي داعمًا رئيسيًا لذلك، حيث عملت المؤسسات المالية على توسيع نطاق خدماتها لتشمل جميع المقترضين من مختلف فئات القطاع الخاص والأفراد. ووسعت البنوك نشاطها الإقراضي لتلبية الطلب المستمر على الائتمان المصرفي مع بقاء نتائج المخاطر معتدلة، مما يعكس متانة الاقتصاد المحلي. وفي هذا الإطار ارتفع الائتمان بنسبة 10.2 في المئة على أساس سنوي بنهاية الربع الثاني من هذا العام.
ومع استمرار التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، يواصل البنك المركزي السعودي مراقبة التطورات المحلية والعالمية للمحافظة على استقرار ومتانة النظام المالي.
لطالما أولت ساما أهمية كبيرة للنظام البنكي نظرًا لمحورية دوره في الاقتصاد، حيث تجاوزت جميع النسب الاحترازية للنظام البنكي النسب المحددة في متطلبات بازل، مما يعكس نظامًا بنكيًا يتمتع بمؤشرات أداء متينة.
فعلى سبيل المثال بلغت نسبة تغطية السيولة 188.3 في المئة، فيما بلغت نسبة صافي التمويل المستقر 115 في المئة، أما معدل كفاية رأس المال فقد بلغ 20.1 في المئة بنهاية الربع الثاني من العام الجاري.
الحضور الكريم،
يعد برنامج تطوير القطاع المالي أحد ركائز رؤية المملكة 2030، وأحد أهم أهداف البرنامج أن يكون الابتكار في الخدمات المالية المعتمد على التقنية هو الأساس، بما يعزز الشمول المالي والتمكين الاقتصادي للفرد والمجتمع.
وتسعى إستراتيجية التقنية المالية لتحقيق الأثر الاقتصادي المنشود وذلك من خلال زيادة شركات التقنيات المالية إلى 525، المساهمة بخلق 18 ألف وظيفة تخصصية مباشرة، وكذلك المساهمة في الناتج المحلي بمقدار يتجاوز 13 مليار ريال بحلول عام 2030، علمًا أن عدد شركات التقنية المالية بمختلف مجالاتها تجاوز 200 شركة بنهاية أغسطس الماضي.
وفي ظل جهود البنك المركزي لتمكين التقنيات المبتكرة، أصدرت ساما في وقت سابق الإطار التنظيمي للمصرفية المفتوحة؛ لخدمة معلومات الحساب، وتحديد الإرشادات والمتطلبات لمشاركة معلومات حسابات العملاء، وتبعه إطلاق معمل المصرفية المفتوحة الذي يعد أحد أهم الممكنات التقنية لمنظومة المصرفية المفتوحة في المملكة. وسيتم بإذن الله إصدار الإطار التنظيمي للمصرفية المفتوحة لخدمة إنشاء المدفوعات في وقت لاحق من هذا العام.
كما يعمل البنك المركزي السعودي مع هيئة السوق المالية على إطلاق برنامج تمكيني لشركات التقنيات المالية الناشئة السعودية؛ لدعم هذا القطاع الواعد، وتحفيز الشركات عبر تقديم حزم دعم بمجال البنية التحتية الأساسية للشركات الناشئة؛ بهدف تسريع بدء هذه الشركات في تقديم خدماتها المبتكرة.
ختامًا،
أود أن أعرب عن تقديري لكل من ساهم في تمكين انعقاد هذا المؤتمر، وأؤكد سعينا الدائم وبالتعاون مع شركائنا للاستمرار في تطوير القطاع المالي بما يتناسب مع التطورات الاقتصادية المحلية والعالمية، وذلك عبر توفير بيئة خصبة وجاذبة للعديد من الفرص الاستثمارية الحقيقية لهذا القطاع الهام.
شكرًا على حسن إصغائكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
المحافظ
كلمات المؤسسة الأساسية