كلمة معالي محافظ البنك المركزي السعودي في اجتماع مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية في دورته الثامنة والأربعين
محتوى الصفحة
بسم الله الرحمن الرحيم
دولة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء،
أصحاب المعالي والسعادة محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية،
سعادة المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي،
الإخوة والأخوات الكرام،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يسعدني في مستهل كلمتي بمناسبة انعقاد اجتماع الدورة الثامنة والأربعين لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، أن أعرب عن خالص التقدير والامتنان لجمهورية مصر العربية، رئيسًا وحكومةً وشعبًا على استضافة الاجتماع وعلى حسن الاستقبال وكرم الضيافة، متمنيًا لبلدنا العزيز مصر كل التقدم والازدهار.
ولا يفوتني أن أشكر معالي محافظ بنك الجزائر السيد/ صالح الدين طالب على رئاسته للدورة السابقة، والشكر موصول كذلك لمعالي محافظ البنك المركزي المصري السيد/ حسن عبدالله ومنسوبي البنك المركزي المصري على جهودهم لترتيب وتنظيم الاجتماع. كما يسعدني أن أتقدم بالشكر لمدير عام صندوق النقد العربي، ولجميع الإخوة والأخوات العاملين في الصندوق على جهودهم في سبيل إنجاح أعمال وأنشطة المجلس ولجانه، ومساهمتهم البنّاءة في التنظيم والإعداد لهذا الاجتماع، وجهودهم في العمل على المواضيع والقضايا العديدة المهمة التي يتناولها اجتماعنا هذا العام، والتي تعكس الأولويات للمصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية.
أصحاب المعالي والسعادة،
الإخوة والأخوات،
على الرغم من التوقعات الإيجابية لنمو الاقتصاد العالمي، إلا أن هناك بعض التحديات التي قد تسهم في صعوبة التنبؤ بمسار الاقتصاد العالمي في المستقبل القريب، ما يزيد من التحديات التي تواجه صناع السياسات والمستثمرين، ومن تلك التحديات التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، وتقلبات أسعار السلع الأساسية، وتداعيات تشديد السياسة النقدية في العديد من الدول.
ومن جانب آخر، نجد في تخفيض أسعار الفائدة من عدد من البنوك المركزية مؤخرًا بداية دورة من التيسير النقدي، الأمر الذي سينعكس تدريجيًا بشكل إيجابي على تخفيض تكلفة الإقراض ومخاطر خدمة الدين العام، وكذلك تحفيز الاستثمار وتحسن النشاط الاقتصادي.
ومما لا شك فيه أن البنوك المركزية تلعب دورًا مهمًا في المحافظة على الاستقرار النقدي والمالي، وتنسيق السياسات لمواجهة التحديات الراهنة وتعزيز سلامة القطاع المالي والمصرفي. حيث إن المحافظة على الاستقرار الاقتصادي والمالي الكلي، شرطٌ أساسي لمواجهة التحديات الاقتصادية على المديين المتوسط والبعيد.
أصحاب المعالي والسعادة،
الإخوة والأخوات،
يشير تقرير صندوق النقد الدولي الأخير الصادر في يوليو 2024م، إلى أنه من المتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنحو 3.2 في المئة خلال عام 2024م، ونحو 3.3 في المئة في عام 2025م، حيث تعكس هذه التوقعات تحسن النشاط الاقتصادي.
كما أنه من المتوقع أن يتراجع معدل التضخم العالمي من 6.7 في المئة في عام 2023م إلى 5.9 في المئة، و4.4 في المئة في عامي 2024م و2025م على التوالي.
وخلال السنوات الأخيرة، سجل اقتصاد المملكة معدلات نموٍ بوتيرةٍ متصاعدة، نظرًا لما يشهده من تحولات جذرية وتنوعٍ اقتصادي. بالرغم من تأثر العديد من اقتصادات الدول حول العالم بالمؤثرات الخارجية والتوترات الجيوسياسية، إلا أن المملكة ما زالت تحافظ على اقتصاد متوازن وقوي قادر على امتصاص الصدمات الخارجية.
في هذا الشأن، كان النمو الاقتصادي في المملكة مرتبطًا بتغيرات أسعار النفط ارتباطًا وثيقًا، ولكن بعد رؤية السعودية 2030 أصبح نمو القطاع غير النفطي يقود قاطرة النمو الاقتصادي، مدعومًا بطلب محلي معتبر.
أصحاب المعالي والسعادة،
الإخوة والأخوات،
يمثل اجتماع مجلسكم الموقر مكانًا مناسبًا لمناقشة التطورات الاقتصادية والمالية والنقدية وكيفية التعامل معها بفاعلية، بما يعزز من الفرص ويحقق التطلعات. حيث يتضمن جدول أعمالنا هذا اليوم عدة قضايا وموضوعات، منها مناقشة إدارة السياسة النقدية في بيئة يكتنفها عدم يقين مرتفع وتعدد الصدمات، وتداعيات تنامي مديونية القطاع الخاص على الاستقرار المالي في الدول العربية، ودور البنوك المركزية في التعامل مع قضايا التغير المناخي، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في القطاع المالي.
أود في هذا الصدد استباقًا أن أشكر جميع السادة المتحدثين على مشاركتهم في تقديم عروض حول المواضيع المطروحة. كما أشكر صندوق النقد العربي وصندوق النقد الدولي على تعاونهم في تنظيم ورشة العمل يوم أمس الاثنين، حول "تعزيز صلابة واستقرار النظام المالي في عصر الرقمنة"، حيث لا يخفى عليكم الأهمية المتزايدة لهذا الموضوع؛ نظرًا للتحديات التي تواجه القطاع المالي والمصرفي في هذا الشأن.
أصحاب المعالي والسعادة،
الإخوة والأخوات،
لعل اجتماعنا هذا يعدّ مناسبة لكي نهنئ إدارة صندوق النقد العربي على التوجهات الإستراتيجية الجديدة للصندوق، خصوصًا التي تهدف إلى تطوير قدرة الصندوق على تقديم النصح بشأن السياسات، إضافة إلى بناء القدرات في المنطقة العربية.
كما نقدر في هذا السياق، الجهود التي يقوم بها الصندوق من خلال عقد الاجتماعات واللقاءات عالية المستوى، واجتماعات اللجان وفرق العمل المنبثقة عن المجلس، أو من خلال إصدار عدد من المبادئ الإرشادية التي تساهم في توفير المشورة والمعونة الفنية لمساعدة الدول العربية في تبني السياسات المناسبة.
ولعله من المناسب الإشادة بالأنشطة والجهود الكبيرة التي قامت بها البنوك المركزية ومؤسسات النقد العربية بالتعاون مع المؤسسات المصرفية، خلال اليوم العربي للشمول المالي الموافق 27 أبريل من كل عام، ونتطلع للتحضير لفعاليات العام القادم 2025م، بما يساهم في زيادة التوعية بقضايا الشمول المالي.
أصحاب المعالي والسعادة،
الإخوة والأخوات،
في الختام، أرجو لاجتماعنا هذا كل النجاح والتوفيق في الخروج بالتوصيات المناسبة التي تمكن من تعزيز الدور المحوري لهذا المجلس في التعاون والتنسيق بين المصارف المركزية ومؤسسات النقد في دولنا العربية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
المحافظ
كلمات المؤسسة الأساسية